الخميس 23 تشرين أول , 2025 03:36

ذا ناشيونال انترست: خطة ترامب في غزة معرضة للانهيار

نتنياهو لن يسمح لخطة ترامب أن تنجح في غزة

انهيار وقف إطلاق النار في غزة ليس مستبعداً نتيجة الممارسات السياسية والعسكرية الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى لاستمرار الصراع في القطاع لتعزيز سيطرته على الأراضي الفلسطينية وحماية مصالح حكومته وسط أزماتها الداخلية. ففي مقال نشرته صحيفة "ذا ناشيونال انترست" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، يبدو أن إدارة ترامب، رغم دفعها لخطة سلام مكونة من 20 نقطة، تواجه تحديات كبيرة في فرض الالتزام بالاتفاق، سواء بسبب الضغوط الداخلية لدعم الكيان أو بسبب ميل نتنياهو لاستغلال الهدنة لمصلحته الخاصة. كما يوضح المقال دور العصابات المناهضة لحماس في غزة، والتي تعمل على عرقلة وصول المساعدات الإنسانية وخلق سيناريو "يُجبر الحركة على الاحتفاظ بأسلحتها"، ما يهدد تنفيذ خطة ترامب. ويشير المقال إلى أن استمرار هذه الديناميكية قد يؤدي إلى تمديد الاحتلال الإسرائيلي وتكرار المعاناة الإنسانية للفلسطينيين، مع تحذير من أن التعرف على الطرف الحقيقي المعطل نتنياهو والدولة الإسرائيلية واتخاذ إجراءات مناسبة قد يكون السبيل الوحيد لتجنب الأسوأ وهو عودة العنف المدعوم أمريكيًا والإبادة الجماعية في غزة.

النص المترجم:

لا يحتاج المرء إلى البحث بعيدًا لمعرفة سبب تزايد الشرخ في وقف إطلاق النار في غزة، فالإجابة تكمن عند رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فبعد أقل من أسبوعين على التوقيع المزعوم لـ "الخطة التاريخية" التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمكوّنة من 20 نقطة في شرم الشيخ، مصر، بدأت المراحل الأولى من الاتفاق تبدو وكأنها تنهار. وبينما نجح هذا الجهد في الإفراج عن المعتقلين والرهائن يعمل نتنياهو على قدم وساق لتخريب الاتفاق تماماً كما فعل مع اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة في غزة. وكما في الماضي، يهدف هذا الجهد إلى استمرار القتال في القطاع، بهدف تمديد السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية إلى أجل غير مسمى، وكذلك حماية حكومة نتنياهو نفسها.

يمكن ويجب إدانة جميع انتهاكات وقف إطلاق النار بسهولة. ويُفترض بأن يكون الضامنون للاتفاق ملتزمين بمحاسبة الأطراف، ويُذكر أنهم يحاولون القيام بذلك، على الأقل إلى حد ما. إلا أن السؤال يبقى كما هو منذ عقود كيف ستتعامل واشنطن مع المراوغات الإسرائيلية؟ وحتى الآن، يبدو أن فريق ترامب يفشل في ذلك.

منذ 7 أكتوبر 2023، دافعت الولايات المتحدة عن "إسرائيل" بشكل حازم وتستمر في ذلك. ومع ذلك، دفع ترامب خطته المكوّنة من 20 نقطة بقوة تجاه كل من "إسرائيل" وحماس، متفوقاً بوضوح على نتنياهو الذي يفتخر بتأثيره على السياسة الأمريكية. في هذا السياق، ثبت أن رغبة ترامب العلنية والنرجسية في تحقيق "انتصارات" سياسية سريعة كانت أهم من العلاقة الدبلوماسية الأمريكية-الإسرائيلية. مصالح ترامب تأتي أولًا، ولا ينبغي أبدًا المراهنة ضد البيت الأبيض.

للتوضيح، يظل ترامب واحدًا من أكثر الرؤساء الأمريكيين دعمًا ل "إسرائيل" على الإطلاق، إن لم يكن الأكثر دعمًا، إذ يرأس قاعدة سياسية قوية مؤيدة لها. وهذا العامل وحده ينبئ بسوء مستقبل صفقة السلام الخاصة به. ببساطة، لكي ينجح هذا المخطط، سيتعين على إدارة ترامب الخروج من منطقة الراحة الخاصة بها من خلال التصرف كشريك رئيسي حقيقي في علاقتها مع القدس.

هذا الواقع هو سبب تعرض وقف إطلاق النار الحالي لخطر الانهيار. وبينما يبدو صحيحًا أن ترامب وفريقه ملتزمون بإنجاح خطة السلام، من خلال إرسال مسؤولين رفيعي المستوى بما في ذلك نائب الرئيس جي دي فانس إلى "إسرائيل" في محاولة واضحة لإبقاء الإسرائيليين ضمن حدود الاتفاق، قد يتطلب هذا الدفع إبداء استياء متزايد وواضح تجاه نتنياهو والدولة الإسرائيلية. فهل فريق ترامب مستعد لتجاوز خطوط لم يتجاوزها أي رئيس جمهوري سابق فيما يتعلق ب "إسرائيل"؟ وهل يمكنه، أو هل هو مستعد، للمخاطرة بإنهاء دعم قاعدته كبار الممولين المؤيدين ل "إسرائيل" مثل مريم أدلسون؟

وبالفعل، يخطط وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لزيارة "إسرائيل" هذا الأسبوع، بعد زيارة فانس إلى جانب المبعوث الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر ترامب والمستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط. هذا المستوى من التدخل الدقيق يشير إلى أن إدارة ترامب ليس لديها ثقة كبيرة في أن نتنياهو والدولة الإسرائيلية الأوسع مهتمون بالالتزام بوقف إطلاق النار في غزة، ناهيك عن خطة ترامب المكونة من 20 نقطة. وفي مرحلة ما، سيتعين أن يحدث شيء إما انهيار وقف إطلاق النار وخطة السلام، أو تصاعد التوتر بين المعسكرين الأمريكي والإسرائيلي.

هذا لا يعني أن فريق ترامب ينظر إلى غزة أو الفلسطينيين أو إلى دولة فلسطين المستقبلية من منظور إنساني بالأساس. بل إن الإدارة ملتزمة بالحفاظ على مصداقيتها الدبلوماسية، بعد أن أنفقت رأس مال سياسي هائل على المستوى العالمي لكسب الدعم لهذه الخطة. السماح لنتنياهو بانتهاك وقف إطلاق النار وهي خطوة قد يكون أكثر من مستعد للقيام بها حتى خلال المرحلة الأولى من خطة السلام سيكون إحراجًا شديدًا للإدارة. وأولئك الذين يفهمون سياسة ترامب وطريقة تفكيره يعلمون أن هذه النتيجة غير مقبولة إطلاقًا.

ومع ذلك، يبدو أن انهيار وقف إطلاق النار بات وشيكًا بالفعل. فإلى جانب القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع، انتهكت "إسرائيل" أيضًا متطلبات الاتفاق المتعلقة بالمساعدات الإنسانية. كما أنها تواصل إبقاء معظم المعابر إلى غزة مغلقة، وتقيّد عمليات الإجلاء الطبي.

ولعبت الميليشيات دورًا في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ونهبت قوافل المساعدات لإفقار الفلسطينيين الذين يعانون من المجاعة في غزة، في محاولة صارخة للضغط على حماس خلال مفاوضات وقف إطلاق النار. والآن، قد تستخدم "إسرائيل" هذه الميليشيات لخلق سيناريو ترفض فيه حماس تسليم سلاحها وهي إحدى النقاط الأساسية في خطة ترامب المكونة من 20 نقطة.

بالنسبة لحماس، سيكون من الجنون التخلي عن السلاح في ظل الاحتلال الإسرائيلي المستمر لنصف أراضي غزة ووجود ميليشيات فلسطينية منافسة مصممة على استبدالها كقوة وحيدة في الأراضي المحتلة. وما يشكل خطرًا مماثلًا على خطة ترامب هو أن الاشتباكات المستمرة قد تدفع الدول التي أبدت رغبتها في إرسال قوات إلى القطاع لتشكيل "قوة التثبيت الدولية المؤقتة"، كما ورد بشكل غامض في الخطة، إلى إعادة النظر.

في الواقع، قد تكون هذه الورقة هي ورقة "إسرائيل" الرابحة المخفية. يمكن استخدام وجود هذه الميليشيات كورقة ضغط ضد حماس، ما يضطر الفصيل الفلسطيني للاحتفاظ بأسلحته بما يتعارض مباشرة مع خطة ترامب. وفي الوقت نفسه، يمكن "للقدس" أن تدّعي أنه إذا لم تكن هناك دولة أخرى مستعدة للتدخل وتأمين غزة، فسيتعين عليها القيام بذلك بنفسها. وإذا تمكن نتنياهو من تحقيق هذا، فسيستند إلى هذا الانتهاك وفشل إقامة قوة التثبيت للحصول على موافقة واشنطن على عمليات عسكرية شاملة متجددة عبر غزة واحتلال عسكري إسرائيلي دائم.


المصدر: The National Interest

الكاتب: Alexander Langlois




روزنامة المحور