في خطوة مثيرة للجدل والاستغراب، لكنها تؤكّد مستوى الحضيض الذي وصلت اليه الإدارة الأمريكية. قام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتعيين مارك سافايا، أحد أبرز المستثمرين في قطاع زراعة القنّب في ولاية ميشيغان (النبات التي يستخدم في إنتاج الماريغوانا والحشيش)، مبعوثا خاصا إلى العراق.
وأعلن الرئيس ترامب – الذي بات مشهوراً بالزبائنية السياسية لناحية تعيين داعميه الانتخابيين في مواقع رسمية واعتماد بعضهم مثل توم برّاك وسافيا كمبعوثين خاصين يعملون تحت إشرافه المباشر ولا يحتاجون إلى مصادقة مجلس الشيوخ- نبأ التعيين في منشور على منصته "تروث سوشيال" قائلاً "إن فهم مارك العميق للعلاقات العراقية الأمريكية وعلاقاته في المنطقة سيساعد في تعزيز مصالح الشعب الأمريكي من خلال مشاركته الدبلوماسية وتواصله المباشر مع المسؤولين العراقيين كمبعوث خاص. وبصفته مبعوثًا خاصًا، سيعمل كممثل مباشر للمصالح الأمريكية في العراق، وينسق المبادرات المشتركة، ويحافظ على المفاوضات الدبلوماسية، ويضمن التواصل الشفاف بين الحكومتين الأمريكية والعراقية بشأن الأولويات الأمنية والسياسية والاقتصادية"، مشيداً بمساهمة سافايا في حملته الانتخابية لعام 2024، وخاصة "جهوده في حشد الدعم بين الناخبين الأمريكيين المسلمين في ميشيغان".
وهنا لا بد الإشارة الى أن تعيين سافيا قد تم فيما لا يزال منصب سفير الولايات المتحدة الأمريكية شاغراً.
فما هي أبرز المعلومات حول سافيا، وما هي المؤشرات حول ما قد يؤديه من دور في العراق؟
_ هو من أصول عراقية ومواليد سنة 1983، وتنحدر عائلته من تلكيف في محافظة نينوى العراقية. وينتمي إلى الأقلية الآشورية الأصلية، وهو عضو في الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية. وقد غادرت عائلته العراق إلى أمريكا في تسعينيات القرن العشرين.
_وفقاً لحسابه الشخصي على موقع لينكد إن، ليس لديه أي خبرة حكومية سابقة. وهو عضو في مجتمع الأعمال الكلداني الأمريكي في منطقة ديترويت الكبرى.
_أسس شركة متاجر "ليف أند بود" (Leaf and Bud) بمدينة ديترويت كبرى مدن ولاية ميشيغان الأمريكية، المتخصّصة في زراعة القنّب في الأماكن المغلقة وبيع الماريغوانا. ويُعرف بالترويج العلني لبيع هذه المادة على لوحات إعلانية تعرض صوره، والتي انتقدها مسؤولو ديترويت، وشعار هذه الحملات: "احصل عليها. حشيش مجاني".
في المقابل، يُعرف ترامب بمعارضته لتعاطي المخدرات، وهو الذي كان يدعو إلى إعدام تجار المخدرات؛ وفي سنة 2019، أشاد بالصين لاستخدامها عقوبة الإعدام في بعض القضايا الخطيرة المتعلقة بالمخدرات.
ومنذ عودته إلى منصبه في كانون الثاني / يناير، شنّ ترامب سلسلة من الضربات العسكرية ضد سفن فنزويلية بزعم أنها تنقل المخدرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي (فيما الحقيقة هي لتصعيد الضغوط على فنزويلا التي لطالما سعى ترامب الى السيطرة عليها سياسياً لما تملكه هذه الدولة من ثروات نفطية ومعدنية هائلة). وهو ما قوبل باستنكار الكثير من الجهات، التي وصفت هذه الهجمات بأنها غير قانونية بموجب القانون الأمريكي والدولي.
_معروف بدعمه الكبير لترامب خلال السنوات السابقة، كما يعدّ من مؤثري حركة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى – MAGA".
_ تربطه علاقة وثيقة بالجاسوسة الإسرائيلية اليزابيث تسوركوف (شارك في الوساطة لإطلاق سراحها خلال شهر أيلول / سبتمبر 2025)، فهي كانت من أوائل المهنئين له بهذا المنصب حيث قالت: "أهنئ مارك سافايا على هذا التعيين المهم. لقد لعب مارك دورًا محوريًا في إطلاق سراحي بعد 903 أيام من أسر كتائب حزب الله، وهي ميليشيا عراقية تعمل لصالح إيران، دون أي مقابل. هذا خبر سيء للغاية لكل من يخدم مصالح إيران في العراق ويسعى لتقويض السيادة العراقية".
Congratulations to Mark Savaya for this important appointment. Mark played an instrumental role in setting me free after 903 days in captivity by Kataeb Hezbollah, an Iraqi militia serving Iran, without anything given in return.
— Elizabeth Tsurkov (@Elizrael) October 19, 2025
This is terrible news for anyone serving Iran's… pic.twitter.com/AyO9Jh47y6
_ في 19 تشرين الأول / أكتوبر 2025، عيّنه ترامب مبعوثاُ خاصاُ للولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق.
وقد لقي تعيينه إشادة من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الذي رحّب بهذه الخطوة وواصفا إياها بالمهمة، مشيراً الى أصوله العراقية ومتمنياً له التوفيق في "مهمته".
من جانبه، رحّب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني بالتعيين، واصفًا إياه بأنه يؤكد "الأهمية الاستراتيجية للعراق وإقليم كردستان في تعزيز مصالحنا المشتركة واستقرار المنطقة". أما وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري، فقد وصف التعيين بـ "قرار جريء لاستعادة سيادة العراق واستقلاله بعيدًا عن الفساد وسوء الإدارة وحكم الميليشيات".
وهذا ما يؤشّر الى دور ما قد يلعبه هذا المبعوث، في إثارة التوترات حول قضايا سياسية واقتصادية وسيادية عراقية، لناحية استهداف حركات المقاومة ومؤسسة الحشد الشعبي، ومنع الدولة العراقية من اتخاذ قرارات وسياسات تعزّز من حماية العراق ضد أي اعتداءات خارجية خاصة من قبل الكيان المؤقت.
وربط بعض المحللين قرار التعيين بتعليقات ترامب الأخيرة في قمة شرم الشيخ التي عّقدت مؤخراً في مصر، حيث أشار إلى "ثروة العراق النفطية الهائلة" وزعمه بأن قادة العراق أساؤوا إدارتها. وبالتالي فإن التعيين قد يكون مرتبطًا بأجندة ترامب الإقليمية وتركيزه طويل الأمد على قطاع النفط العراقي.
الكاتب: غرفة التحرير