قرر العقيد السابق في مشاة البحرية الأميركية، دوغ كروغمان، الاستقالة بعد 24 عاماً من الخدمة العسكرية احتجاجاً على سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. يسلط المقال الذي نشرته صحيفة "ذا غارديان" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، الضوء على الأسباب الأخلاقية والقانونية التي دفعت كروغمان لاتخاذ هذا القرار، بدءاً من تشكيكه في شرعية الأوامر العسكرية الصادرة أثناء أحداث 6 يناير 2021، مروراً بالعفو عن المتمردين، ورفض الإدارة تقديم اللجوء للأفغان الذين خدموا الولايات المتحدة، وصولاً إلى تجاوز الحدود الدستورية عبر استخدام سلطات الطوارئ وتوظيف الحرس الوطني في مناطق لم يُطلب فيها ذلك. ويبرز المقال تحذير كروغمان من أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى انهيار النظام الحكومي التقليدي في الولايات المتحدة، مؤكّداً أن الطريق الذي يسلكه الرئيس ترامب مقلق إذا لم تُسد الثغرات فيه.
النص المترجم:
قال عقيدٌ سابق في مشاة البحرية الأميركية (المارينز) ومقاتلٌ شارك في الحروب، إنه بعد 24 عاماً من الخدمة "استقال من الجيش بسبب ترامب"، مشيراً إلى ما وصفه بازدراء الرئيس الأميركي للدستور.
دوغ كروغمان ترك منصبه العسكري في 30 أيلول/ سبتمبر، وهو اليوم نفسه الذي ألقى فيه دونالد ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث خطابين مثيرين للجدل أمام قادة الجيش الأميركي الذين جُمعوا من أنحاء العالم إلى اجتماع خاص في ولاية فيرجينيا، للحديث عن أولويات المؤسسة العسكرية وأجندة الإدارة الأميركية.
وكتب كروغمان في مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست يوم الخميس: "تخليت عن مسيرتي المهنية بدافع القلق على مستقبل بلدنا"، محذراً حتى من "انهيار" النظام الحكومي التقليدي في الولايات المتحدة.
حثّ كروغمان بهدوء زملاءه في الجيش على التأمل في مواقفهم الشخصية، قائلاً: "عليهم أن يكونوا واثقين من طرح الأسئلة حول الأوامر التي قد تكون غير أخلاقية أو غير قانونية، وأن يتذكّروا أنهم مسؤولون عن أفعالهم، وأن هناك آخرين يطرحون الأسئلة نفسها".
وأضاف: "إذا كانت لديهم شكوك حول الأوامر التي يتلقونها، فهم ليسوا وحدهم".
عندما خاطب ترامب كبار القادة العسكريين في البلاد في 30 أيلول/ سبتمبر، وجّه تحذيراً صارماً قائلاً: إذا لم يعجبكم ما أقوله، يمكنكم مغادرة القاعة. بالطبع، حينها ستذهب رُتَبكم، ويضيع مستقبلكم".
لكن كروغمان أوضح أنه كان قد قرر مسبقاً مغادرة الجيش، وأن ذلك اليوم كان آخر يومٍ له في الخدمة.
وفي مقاله، تحدّث عن أن أحداث الشغب في 6 كانون الثاني/ يناير 2021 جعلت موقعه في المؤسسة العسكرية صعباً، حين شجّع أنصار ترامب المتطرفين – بدعم من الرئيس المنتهية ولايته حينها – على منع المصادقة على خسارته في الانتخابات أمام جو بايدن، فاقتحموا مبنى الكابيتول وطاردوا أعضاء الكونغرس.
لكن ما دفع كروغمان إلى مراجعة موقفه بشكلٍ حاسم، كان العفو الذي منحه ترامب لاحقاً للمتمرّدين بعد عودته إلى البيت الأبيض عام 2025، إضافةً إلى رفض إدارته منح اللجوء للعديد من الأفغان الذين — كما أقرّ كروغمان — "خاطروا بحياتهم من أجل الولايات المتحدة خلال الحرب". وقال إن ذلك جعله يبدأ في التشكيك في معايير ترامب.
وكتب كروغمان: "تجاهل الواقع واستغلال القوانين الغامضة لتولي سلطات الطوارئ أمر غير أخلاقي أيضاً. هذه ليست أفعالاً أنا مستعد للمخاطرة بحياتي من أجل الدفاع عنها".
وأشار كروغمان إلى أن نشر الحرس الوطني بقرارات اتحادية في مناطق لم تُطلب فيها المساعدة تجاوز "الحدود القانونية"، وأن إعلان ترامب مثلاً مدينة بورتلاند في ولاية أوريغون "منطقة حرب"، كان تصريحاً لا يمتّ إلى الواقع بصلة.
وأضاف: "بدلاً من محاولة العمل ضمن الدستور أو تعديله، يختبر الرئيس ترامب مدى قدرته على تجاهله".
وختم كروغمان مقاله بتحذير واضح: إذا لم يتمكّن الناخبون والمشرّعون من سدّ الثغرات في قوانيننا لتوضيح حدود السلطة الرئاسية، فسيظلّ من يخدمون في مؤسسات الدولة يعانون من هذا الارتباك. وقد يواصل الرئيس المقبل — أياً كان حزبه — السير بنا في هذا الطريق نحو الانهيار.
المصدر: The Guardian
الكاتب: Olivia Empson