الخميس 17 تموز , 2025 04:08

الخوارزميات القاتلة: الذكاء الاصطناعي في خدمة العدو

الذكاء الاصطناعي وسيلة في يد الاحتلال

الخوارزميات القاتلة هي أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات وتحديد أهداف بشرية لتصفيتها. هذه الخوارزميات لا تقتل بحد ذاتها، لكنها تقوم باختيار الأهداف وتوجيه القرار العسكري نحوها، سواء من خلال الطائرات المسيّرة أو الضربات الصاروخية أو عمليات خاصة.

الأساس الذي تقوم عليه هذه الأنظمة هو تجميع وتحليل المعلومات من مصادر متعددة: مكالمات هاتفية، صور جوية، تحركات عبر الهواتف المحمولة، نشاط على الإنترنت، وحتى الأنماط السلوكية التي يتعلمها الذكاء الاصطناعي عبر الزمن. يتم إدخال هذه البيانات إلى نظام تعلّم آلي مدرّب على تمييز "السلوك المشبوه" أو ربط الأشخاص ببعضهم البعض ضمن شبكة.

أبرز هذه الأنظمة

نظام "لافندر": يُستخدم لتحديد نشاط عناصر المقاومة بشكل شبه أوتوماتيكي. يقوم بتصنيف الأهداف حسب درجة "التهديد" بناء على نشاطهم الإلكتروني أو علاقتهم بأشخاص آخرين مصنّفين. وقد اعتمد عليه جيش الاحتلال بشكل كبير في الحرب على قطاع غزة.

نظام "أين الأب؟": يستخدم لتحديد توقيت وجود المقاومين في منازلهم ليتم استهدافهم حين يكونون مع عائلاتهم، ما يكشف البعد غير الأخلاقي لاستخدام هذه الخوارزميات في توجيه عمليات الاغتيال وتجريدها ومشغليها من أي بعد إنساني.

نظام "هابسورا": يُستخدم لتحديد المواقع الأنسب لتنفيذ الهجمات بناء على تحليل متغيرات ميدانية، ما يجعل العمل العسكري أكثر "فعالية" من وجهة نظر الاحتلال.

استخدامها في إيران

في العدوان الأخير على إيران، تحدّثت بعض التقارير عن أدوات تحليلية مشابهة استُخدمت لتحديد مواقع حرس الثورة الإسلامية ومراكز القيادة والاتصالات الحساسة. لكن لا تتوافر حتى اللحظة معلومات علنية كافية تؤكد استخدام هذه الأنظمة، إلا أن هنالك بعض الشكوك حول ما إذا تم استخدامها في اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده.

الاحتلال الإسرائيلي ينظر إلى هذه الأنظمة كأداة لتعويض نقص العنصر البشري وخصوصاً في ظل الانهاك الذي يتعرض له جيشه في ساحات الحروب المتعددة وأزمة التجنيد لديه ما يجعله يلجأ لهذه الوسائل بدلاً من الجندي الحقيقي، وتحقيق "قتل سريع" دون الحاجة لقرارات بشرية في كل حالة. لكنه في المقابل، يفتح الباب لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث يكون الشخص مكشوفاً أمام هذه الأنظمة ومراقب بشكل دائم وعرضة للاستهداف في أي لحظة -كما يحصل في لبنان من استهداف ممنهج لكوادر المقاومة حزب الله-.

لماذا يلجأ العدو لاستخدامها؟

يلجأ العدو إلى استخدام الخوارزميات القاتلة والذكاء الاصطناعي في عملياته العسكرية، ليس فقط بهدف رفع دقة الاستهداف أو خفض كلفة المواجهة البشرية، بل أيضاً لتوفير غطاء قانوني وأخلاقي زائف يبرر من خلاله ضرباته. إذ تسمح له هذه التقنيات بادعاء أن قرار الاغتيال لم يصدر عن عنصر بشري، بل عن "نظام ذكي" أو "توصية خوارزمية"، ما يمنحه فرصة للتنصل من المسؤولية المباشرة عن النتائج الكارثية، سواء كانت استهداف مدنيين أو استهداف خاطئ. بهذا، يتخفّى العدو خلف هذا القناع ليتهرب من تصنيفه كمنفّذ فعلي للجرائم.

أبرز المطوّرين خلف هذه الأنظمة

وحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهي وحدة متخصصة في التنصت والسيطرة الإلكترونية، وتُعد واحدة من أكبر وحدات التجسّس في العالم. يخرج من هذه الوحدة سنوياً عشرات الخبراء الذين يؤسسون شركات تكنولوجية خاصة، كثير منها متورط في تطوير أدوات الرقابة والهجمات السيبرانية.

الخطر الأكبر في هذه الخوارزميات يكمن في منح "الآلة" قرار تصنيف إنسان كـ "هدف مشروع"، بناء على مؤشرات غير مفهومة حتى للضابط الذي ينفّذ الأمر. وهكذا، يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة من المفترض أن تسهل حياة الناس إلى أداة للقتل يطوعها العدو كما يريد لتنفيذ الاغتيالات.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور