في قلب تل أبيب، يقع مبنى القنصلية الأميركية، أو ما يُعرف بـ "فرع السفارة الأميركية"، وهو أحد أهم المقرات الدبلوماسية التابعة لواشنطن في كيان الاحتلال الإسرائيلي. ورغم نقل السفارة رسمياً إلى القدس المحتلة عام 2018 خلال ما يُعرف "بصفقة القرن"، احتفظ هذا الفرع بوظيفته الحيوية، خاصة في التنسيق الأمني والاستخباري والإداري، ما جعله مركزاً حيوياً لا تقل أهميته عن السفارة نفسها.
موقع حساس ووظائف استراتيجية
يتمركز المبنى في شارع "هايياركون"، على بعد أمتار من البحر، في منطقة تُعد من أكثر المواقع الأمنية حساسية في تل أبيب. يحتوي المبنى على مكاتب لأجهزة استخباراتية، ووحدات تنسيق أمني، إضافة إلى خدمات قنصلية تستقبل آلاف الإسرائيليين والأميركيين شهرياً. كما يعمل فيه عشرات الموظفين، بينهم دبلوماسيون أميركيون وخبراء في الأمن والاتصالات.
المبنى محاط بإجراءات أمنية مشددة، ويُعتبر جزءاً من منظومة حماية السفارات الأميركية عالمياً، خصوصاً أنه لعب دوراً غير مباشر في إدارة ملفات التبادل الأمني والدعم اللوجستي بين واشنطن وتل أبيب خلال الحرب على غزة.
الاستهداف الإيراني: رسائل متعددة
في حزيران/ يونيو 2025، وخلال العدوان الإسرائيلي على إيران، تم استهداف محيط مبنى القنصلية الأميركية في ضربة صاروخية دقيقة، رداً على اغتيال شخصيات إيرانية بارزة في عدوان إسرائيلي على الأراضي الإيرانية. أحد الصواريخ سقط على بُعد أمتار من المبنى، متسبباً بأضرار مادية، بحسب التقارير الأولية، لكنه شكّل ضربة لافتة للهيبة الأميركية..
المفارقة أن هذا النوع من الاستهداف لم يُسجل من قبل على منشآت دبلوماسية أميركية داخل كيان الاحتلال، ما يشير إلى تحول في قواعد الاشتباك، ومرحلة جديدة من التصعيد وضعت واشنطن أمام واقع جديد.
الأضرار والانعكاسات
ورغم التكتم الأميركي الرسمي، أفادت تقارير إعلامية أن بعض الأقسام غير الحيوية في المبنى تضررت، خصوصاً في الطابقين السفليين. كما سُجلت حالة من الإرباك في الحركة الدبلوماسية في تل أبيب، ما دفع واشنطن إلى إعادة تقييم انتشارها الدبلوماسي، وإرسال تعزيزات أمنية من القواعد العسكرية في البحر المتوسط.
الأهم أن هذا الاستهداف يعكس نقلة نوعية في الرد الإيراني، إذ وُجّهت الضربة إلى منشأة أميركية في قلب "إسرائيل"، دون أن تعترضها منظومات القبة الحديدية أو الدفاعات الأميركية، مما يطرح تساؤلات جدية حول فعالية الردع.
الهدف ليس دبلوماسياً
لا يمكن اعتبار مبنى القنصلية الأميركية في تل أبيب مجرد منشأة دبلوماسية. لقد أصبح – بفعل السياق الإقليمي الجديد – رمزاً للتشابك بين النفوذ الأميركي في المنطقة وسياسة واشنطن في دعم الاحتلال. واستهداف المبنى جاء نتيجة لعدة اعتبارات ومنه تورطه العلني في دعم جرائم كيان الاحتلال سواء على الأراضي الفلسطينية أو خارجها. ويحمل في طياته رسالة واضحة: لا حصانة لأذرع واشنطن حين تتحول إلى أدوات عدوان، حتى لو كانت بالزي الدبلوماسي المخادع.
هذا وأطلقت الجمهورية الإسلامية خلال العدوان الإسرائيلي الأميركي الذي استمر 12 يوماً (13 - 25 حزيران 2025)، مئات الصواريخ البالستية وفرط الصوتية والطائرات المسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، مستهدفة -ضمن خطة دفاعية ذكية- عشرات المراكز العسكرية والحيوية والاستراتيجية، ما أجبر قادة تل أبيب على الرضوخ وطلب وقف إطلاق النار.
المصادر:
Ynet: أحد الصواريخ سقط قرب مكتب السفارة الأمريكية في تل أبيب - RT Arabic
الكاتب: غرفة التحرير