السبت 17 أيار , 2025 11:24

أمن المخيمات في خطر: هل يشهد لبنان توتراً بعد زيارة محمود عباس المرتقبة؟

زيارة محمود عباس إلى لبنان بأجندة خارجية.

تفتح الزيارة المرتقبة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان في 21 أيار باب الشكوك، لا سيما فيما يتعلّق بتوقيتها وأهدافها المعلَنة. فهي لا تبدو زيارة بروتوكولية، بل تحمل في طيّاتها طلبات حساسة قد تفضي إلى تداعيات أمنية، خصوصاً في ظل وقوف الأجندات الخارجية خلفها، ما يعزز احتمال وقوع سيناريوهات تمسّ الاستقرار الأمني للمخيمات الفلسطينية في لبنان.

البعد السياسي للزيارة

يتمثل الهدف من الزيارة بعقد اتفاق بين عباس والدولة اللبنانية، يُفَوِّض الأخيرة بعملية نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في المخيمات المنتشرة في لبنان، وخصوصاً تلك المتواجدة في جنوب البلاد، وعلى رأسها مخيم عين الحلوة. واقعاً، يشير هذا الطرح إلى خطورة الوضع إذا ما تم التعمق في دلالاته، خصوصاً عند النظر إليه من داخل المخيمات التي قد تصبح عرضة لتوترات أمنية داخلية، في وقت قد يمتد فيه هذا التوتر ليشمل الساحة اللبنانية عامة، نظراً لجملة من السيناريوهات المتوقعة خلال محاولة فرض هذا الهدف.

السيناريوهات المتوقعة

أولاً، قد يُوضَع الجيش اللبناني في مواجهة مباشرة مع الفصائل، من خلال إيكاله مهمة الضغط على هذه الفصائل لتسليم سلاحها، خاصة في ظل التدخلات الأمريكية المتزايدة في شؤون الجيش وتوجهاته.

ثانياً، قد يُدخَل طابور خامس إلى المخيمات، يتولّى إثارة الإشكالات من خلال افتعال نزاع داخلي بين طرف مؤيد لتسليم السلاح – ويمثله هذا الطابور – وطرف رافض، يمثل المقاومة.

ثالثاً، قد تقدم بعض المجموعات المشبوهة على إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يتيح تحميل المسؤولية للفصائل الفلسطينية، واتهامها بتقويض الاستقرار اللبناني، خصوصاً في هذا التوقيت الحرج في ظل اتفاق وقف إطلاق النار القائم في لبنان.

النتائج المترتبة على هذه السيناريوهات

إن هذه السيناريوهات، في حال وقوعها، من شأنها أن تُهدّد أمن لبنان بأسره، وتفتح الباب لتكرار مشاهد الاقتتال الداخلي التي تضرب السلم الأهلي.

كذلك، فإن أي توتر أمني داخل المخيمات قد يُفضي إلى صرف الأنظار عن جوهر القضية، ويؤدي إلى التركيز على النزاعات اللحظية وصرف النظر عن الطرح الأساسي.

ولا يُستبعد أن تُمنَح "إسرائيل" الذريعة لقصف المخيمات، لا سيما تلك الواقعة في الجنوب، بحجة أن هذه المناطق باتت تشكل تهديداً للأمن والاستقرار (خصوصاً في حال تم تنفيذ السيناريو المطروح أعلاه).

المؤشرات على اقتراب التصعيد

عدة مؤشرات تُظهر أن هناك توقعاً لحدوث تطورات أمنية كردة فعل على طرح سحب سلاح الفصائل، ومن أبرزها ما تقوم به وكالة الأونروا في منطقة سبلين – صيدا، حيث تُشيِّد تجمعات سكنية وتُسرّع من وتيرة استكمال بنائها، مع تأكيد المعنيين أن ينتهي العمل قبل نهاية شهر أيار. إضافةً إلى ذلك، فإن الضغط الأمريكي المتواصل بشأن هذا الملف بات واضحاً، حيث تطرّقت المبعوثة الأمريكية أورتاغوس إلى هذه المسألة خلال زيارتها الأخيرة إلى لبنان، وناقشتها مع الجهات الرسمية، بما يُوحي بأن الإدارة الأمريكية باتت تعتبر الموضوع أولوية، وتسعى إلى تنفيذه عبر أدوات محلية، وفي مقدّمها عباس الذي يبدو أنه أُوكل إليه تحريك هذا الملف ضمن أجندة أمريكية واضحة.

موقف الفصائل المتوقع

من المتوقع أن تواجه هذه المبادرة رفضاً قاطعاً من قِبَل فصائل المقاومة الفلسطينية، التي بمعظمها لا تتبع سياسياً لرئيس السلطة محمود عباس. وهي تعتبر أن السلاح الموجود في المخيمات لا يُشكّل تهديداً للأمن اللبناني، بل هو امتداد لفعل المقاومة ضد العدو "الإسرائيلي". وقد صرّح القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، يوسف موسى، بأن "توقيت الزيارة وأجندتها يثيران القلق، خصوصاً في هذه المرحلة، في ظل التصعيد الإسرائيلي"، ما يعكس حجم الحذر السائد داخل أوساط الفصائل تجاه خلفيات الزيارة وأهدافها.

خطراً حقيقي

بناءً على ما ورد أعلاه فمن الواضح أن هناك خطر في الطرح الأمريكي الذي يأتي محمود عباس ممثلاً عنه. وأنه في سياق تنفيذه سيكون لبنان بأكمله مهدداً وليس فقط الوجود الفلسطيني فيه. ولا يُستبعد أن تتحوّل هذه المبادرة إلى مدخل لزعزعة الاستقرار اللبناني، بإشعال فتنة داخلية بسبب التدخل الخارجي المباشر. من هنا، يجب قراءة المخطط بوضوح من قبل الدولة اللبنانية والتعامل معه للحد من تداعياته قبل قدوم عباس. ولا يجب السماح بأن يكون لبنان ساحة لتنفيذ الأوامر الخارجية المهددة للاستقرار الداخلي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور