الإثنين 03 تشرين ثاني , 2025 03:44

كتاب: الحرب الذكية: آفاق التطور العسكري في عصر الذكاء الاصطناعي

جندي يستخدم الذكاء الاصطناعي

كتاب "الحرب الذكية: آفاق التطور العسكري في عصر الذكاء الاصطناعي" لمينغشي وو، هو دراسة شاملة تبحث في التحول الجذري الذي تحدثه تقنيات الذكاء الاصطناعي في بنية الحروب الحديثة وفي مفهوم القوة العسكرية ذاته.

ينطلق المؤلف من فرضية أن الذكاء الاصطناعي أصبح القلب النابض للنظام العملياتي في الحروب المعاصرة، إذ تجاوزت القوة المادية إلى قوة "العقل"، حيث صارت الخوارزميات والبيانات والأنظمة الإدراكية هي العنصر الحاسم في النصر. ويرى أن الحرب الذكية تمثل الانتقال من مرحلة المكننة والمعلوماتية إلى مرحلة "دمج الذكاء بالآلة"، ما يخلق بيئة قتال جديدة قائمة على السرعة، والدقة، والتحكم الذاتي، والتفاعل بين الإنسان والآلة.

يؤكد المؤلف أن التطور التكنولوجي المتسارع سيجعل من الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والأنظمة غير المأهولة، والبيانات الضخمة، والروبوتات، أدوات رئيسية في بناء الجيوش المستقبلية. وستتحول العمليات العسكرية من مركزية القرار البشري إلى أنظمة ذاتية القيادة قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة في ميدان المعركة. كما أن الحروب ستشهد اندماجًا متزايدًا بين الفضاءين الفيزيائي والافتراضي، بحيث يصبح الفضاء السيبراني ساحة قتال موازية تؤثر مباشرة في الواقع الميداني.

يتوسع الكتاب في عرض التطبيقات العملية للحرب الذكية، مثل استخدام الطائرات المسيّرة، والروبوتات البرية والبحرية، وعمليات الأسراب الذكية، وأنظمة الدفاع الليزري، والحروب السيبرانية، والعمليات في الفضاء الكهرومغناطيسي. ويضرب أمثلة واقعية كاغتيال الشهيد قاسم سليماني وحروب ناغورنو قره باغ وغزة، لتوضيح كيف غيّرت التكنولوجيا طبيعة القيادة، والرصد، والضربات الدقيقة.

ويرى وو أن هيمنة الذكاء الاصطناعي ستدفع إلى نشوء "نظام بيئي عسكري ذكي" قادر على التعلم الذاتي والتطور المستمر، بحيث تصبح الأسلحة والأنظمة قادرة على التكيف مع بيئات الحرب المتغيرة دون تدخل بشري مباشر. وفي الوقت ذاته، يحذر من مخاطر غياب "زر الإيقاف" الذي يمنع هذه الأنظمة من تجاوز السيطرة البشرية، مؤكدًا الحاجة إلى أطر أخلاقية وقانونية لضبط تطورها.

ويختتم المؤلف برؤية مستقبلية يتمنى فيها أن تتحول الحروب من مواجهات مدمرة بين البشر إلى "لعبة ذكاء" بين الروبوتات والأنظمة الاصطناعية داخل عالم افتراضي، بحيث تبقى القوة رهنًا بالقدرة على التوازن الذكي لا بالدمار الفعلي. ويرى أن من يمتلك "ميزة الذكاء" سيملك زمام المبادرة في حروب القرن الحادي والعشرين، حيث يتحدد مصير الدول ليس بحجم جيوشها بل بسرعة خوارزمياتها ودقة بياناتها.

باختصار، يقدم الكتاب قراءة مستقبلية عميقة لعسكرة الذكاء الاصطناعي، مبرزًا تحوّل الإنسان من "مقاتل ومخطط" إلى "مفكر ومراقب"، في عالم تتقاطع فيه التكنولوجيا والسياسة والاقتصاد لتصوغ حربًا أكثر ذكاءً وأقل إنسانية.

لتحميل الكتاب من هنا


الكاتب: مينغشي وو




روزنامة المحور