الإثنين 18 آب , 2025 03:34

الدعم البريطاني للكيان: تمويل عسكري وتحفيز على الجرائم

بريطانيا تمول الكيان بالأسلحة التي ينفذ بها المجازر

لطالما لعبت بريطانيا دوراً مركزياً في دعم "إسرائيل" عسكرياً، ليس عبر المساعدات التقليدية فحسب، بل عبر صناعات أسلحة متطورة على أراضيها. شركة "أنظمة إلبيط" الدفاعية الإسرائيلية، على سبيل المثال، تمتلك تسعة مصانع في بريطانيا، أربعة منها مخصصة لصناعة الأسلحة، وتزود الجيش الإسرائيلي بما يقارب 85٪ من طائراته المسيّرة. هذه الطائرات، المستخدمة يومياً في المراقبة والهجمات، تجعل من بريطانيا شريكاً مباشراً في العمليات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك الإبادة الجماعية الموجهة ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والاعتداءات الممنهجة في الضفة الغربية.

المشاركة البريطانية في أكبر المجازر

التورط البريطاني لا يقتصر على الإنتاج فقط. وفق الأكاديمي البريطاني الدين فهمي، استخدام هذه الأسلحة ضد الفلسطينيين يشير إلى مشاركة فعلية في جرائم الحرب، وما يمكن وصفه بالإبادة الجماعية، خصوصاً في ضوء الهجمات الإسرائيلية العنيفة التي طالت سابقاً رفح ومستشفيات القطاع وشمال غزة. ورغم كل المواقف المنددة بهذه الإبادة وسياسة التجويع المتعمدة وكل المشاهد التي تظهر حجم الدمار وسوء التغذية الحاد وتلوث مصادر الغذاء من أراض زراعية ومياه، إلا أن بريطانيا لم توقف تصدير أسلحتها، وهو ما يثير تساؤلات حول مسؤولية لندن القانونية والأخلاقية في المساعدة على ارتكاب هذه الجرائم التي صنفت بأنها أكبر مجزرة في التاريخ الحديث.

أموال طائلة ومصالح اقتصادية

تعتبر تجارة الأسلحة مع "إسرائيل" مربحة للغاية للمملكة المتحدة. بحسب الناشطة زوي غودمان، بريطانيا حصلت على أموال طائلة من هذه الصفقات، وهو ما يفسر استمرار التصدير والإمداد رغم الجدل السياسي والإنساني في الأوساط البريطانية. هذه الأموال ليست مجرد مساعدات عسكرية مجانية، بل صفقات مدفوعة تحقق مردود كبير للشركات البريطانية وللاقتصاد المحلي، ما يجعل الحكومة البريطانية مترددة عن التخلي عنها، حتى أمام ضغوط حقوقية دولية.

مواقف الحكومة والمعارضة

رغم المعارضة الشعبية والاحتجاجات المتكررة أمام المصانع مثل مجمع "إل3 هاريس" ومصانع "أنظمة إلبيط" في بريستول وستافوردشير، تبقى الحكومة البريطانية متماسكة إلى حد كبير في سياستها الداعمة لكيان الاحتلال. الاستقالات الفردية، مثل استقالة زوي غودمان من مجلس مدينة بريستول وحزب العمال، تظهر أن هناك انقساماً داخلياً حول هذه السياسة، لكن الأغلبية الحكومية تواصل السماح بتصدير الأسلحة، معتبرةً أن الحفاظ على المصالح الاقتصادية والتعاون الاستراتيجي مع "إسرائيل" أهم من الموقف الإنساني.

المشاركة البريطانية في الحرب على غزة

لم تكتفِ بريطانيا بتزويد الاحتلال بالأسلحة، بل لعبت دوراً غير مباشر في تمكين العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأرض. الاحتجاجات العمالية في بريطانيا تشير إلى أن تصدير الأسلحة ساعد في تنفيذ الهجمات التي أسفرت عن عشرات آلاف الضحايا المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى دمار البنية التحتية والاقتصاد المحلي في غزة. وعلى الرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار، فإن استمرار الدعم البريطاني ساهم في استمرار الحصار والهجمات الإسرائيلية.

ضغط المجتمع المدني والحقوقي

شهدت بريطانيا نوعاً من الضغط الشعبي والحقوقي، بما في ذلك وقفات احتجاجية نظمتها نقابات عمالية فلسطينية وبريطانية، تسعى لإغلاق المصانع ووقف تصدير الأسلحة، إلا أن هذه الاحتجاجات لا تزال تواجه مقاومة من الدولة والشركات. حيث كشفت الاعتداءات على النشطاء في مصانع "البيت سيستمز" في ستافوردشير، بمشاركة الشرطة التي تقوم بحراسة المصنع، ما يكشف عن قوة المصالح الاقتصادية والإستراتيجية التي تجعل الحكومة البريطانية صامتة أو متواطئة بشكل فعلي. دون السماح حتى للمحتجين بالاقتراب من هذه المواقع حتى لو لزم الأمر ضربهم أو الاعتداء عليهم.

لا يقتصر تزويد "إسرائيل" بالأسلحة المتطورة، على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يشكل أيضاً حافزاً عملياً ل "إسرائيل" لمواصلة تنفيذ هجماتها. وهذا ما يعزز قدرة جيش الاحتلال على شن هجمات دقيقة ومتكررة، بما في ذلك استهداف الأحياء السكنية والبنية التحتية الحيوية، وهو ما وثقته منظمات حقوقية دولية وتقارير محلية متعددة. هذه القدرة العسكرية الممولة بموارد بريطانية تجعل "إسرائيل" أقل تردداً في اتخاذ خطوات عسكرية واسعة، ما يؤدي إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين واستمرار المجازر، كما حدث في رفح وقطاع غزة. علاوة على ذلك، استمرارية هذا الدعم رغم التحذيرات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية بوقف "أعمال العنف"، يعكس أن بريطانيا، عن طريق تمكينها العسكري، تمنح الكيان غطاءً عملياً. هذا يعني أن تصدير الأسلحة ليس مجرد نشاط تجاري، بل أداة ضغط وتحفيز للكيان على ارتكاب المزيد من الجرائم، حيث يشجعه على اختبار وتطوير الأساليب العسكرية في مناطق مأهولة بالسكان المدنيين، مع تقليل المخاطر على بريطانيا.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور