يبدو أن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون، قد اختار تصعيد مواقفه ضد المقاومة وسلاحها، بعد "ضغوط" أمريكية وسعودية عليه وعلى رئيس الحكومة نواف سلام، من أجل اتخاذ الدولة اللبنانية لخطوات عملانية تحاصر المقاومة، وهذا ما تظهره مواقف الرئاستين الأولى والثالثة منذ 5 آب / أغسطس الجاري حتى يومنا هذا.
ويكفي لأي شخص أن يدقّق ويتمعن بمقابلة الرئيس جوزاف عون مع قناة العربية السعودية بالأمس الأحد، وما أطلقه خلالها من مواقف غير مسبوقة له، لكي نُدرك بأنه استبدل مواقفه الوطنية التي أطلقها مطلع ولايته الرئاسية، برضوخ كامل للإملاءات الأمريكية والسعودية، بحجة فك العزلة عن لبنان، وهو ما لن يكون في صالح الوطن إطلاقاً، بل يمهّد لأزمة كبيرة وخطيرة فيه مفتوحة على كافة الاحتمالات، من الفتنة الداخلية الى المواجهة العسكرية المباشرة مع الكيان المؤقت وربما مع أطراف خارجية أخرى.
ففي مقابلة الرئيس عون مع "العربية"، شدّد على أن "إيران دولة صديقة ولكن على قاعدة الاحترام المتبادل وحفظ السيادة" وأنه "لا نسمح لأنفسنا بالتدخل في شؤونها او أي دولة أخرى كما لا نقبل التدخل في شؤوننا". مضيفاً بأن "سلاح حزب الله هو قرار لبناني ولا يعني إيران"، ومعتبراً بأن "لبنان كان أمام خيارين: إما القبول بالورقة الأميركية أو العزلة". وهنا من غير قصد يعترف الرئيس بأنه سمح لأمريكا – والسعودية ضمناً - التدخل في شأن لبناني داخلي، بما يتعارض تماماً مع قسمه لليمين الدستورية في 09/01/2025: "أحلف بالله العظيم أني احترم دستور الامة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه".
وبمفارقة واضحة أكد الرئيس عون في المقابلة أيضاً على أن "معالجة سلاح حزب الله شأن لبناني وقرار داخلي وحصر السلاح اتخذ ولا رجوع عنه"، وهو ما يضرب كل المحاولات التي تُبذل داخلياً لمنع تصاعد التوترات الداخلية. مع العلم بأن اتفاقه مع الثنائي الوطني ما قبل انتخابه للرئاسة (الذي كان موفد النظام السعودي يزيد بن فرحان من أول الضامنين له)، كان يشير بكل وضوح أن موضوع سلاح المقاومة لا يمكن معالجته الا وفقاً لحوار داخلي بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي احتلت حديثاً وبعد وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وبعد إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في المعتقلات الإسرائيلية وبعد إطلاق مسار إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي، على أن تكون معالجة سلاح المقاومة ضمن الحوار حول استراتيجية دفاع وطني. وأشاد عون في مقابلته 6 مرات بـ "جهود المملكة العربية السعودية في دعم لبنان وإنهاء الفراغ الرئاسي"، مع أنها حتى يومنا هذا لم تُعلن عن أي مساعدة مادية وفعلية، حتى أنها لم تُشارك في صندوق إعادة إعمار لبنان العربي (الذي أعلن إنشائه رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال القمة العربية الأخيرة التي عقدت في بغداد)، حتى أن الرياض لم تصدر قراراً يسمح بعودة السياح السعوديين الى لبنان، فأين هو هذا الدعم السعودي الذي يستحق الإشادة به 6 مرّات.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر إعلامية إلى أن الأميركي والسعودي سيؤكدان للبنان أن مطالبه بشأن وقف العدوان والانسحاب ستبقى معلّقة إلى أن يلتزم بخطوات ملموسة في ملف حصر السلاح، وأن جوهر الرسالة الأميركية - السعودية يتمثّل بالقول للدولة اللبنانية بأن تحقيق مطالبها لن يتم إلا بعد إنجازها المطلوب منها أولاً.
فماذا بعد؟
لذلك كل المؤشرات والتطورات تدعونا للعودة الى خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين عليه السلام في بعلبك، لكي نستدل على ما يمكن أن تكون عليه المرحلة المقبلة، والذي جاء فيه:
_قرار الحكومة اللبنانية في 5 آب يجرد المقاومة وشعب المقاومة ولبنان من السلاح الدفاعي أثناء العدوان. وأن هذا القرار الحكومي يعني تسهيل قتل المقاومين وأهلهم، وطردهم من أرضهم وبيوتهم.
_كان على الحكومة اللبنانية أن تبسط سلطتها بطرد إسرائيل أولًا. كان على الحكومة أن تعمل على حصرية السلاح بمنع الإسرائيلي أن يكون متواجدًا أو أن يكون سلاحه متواجدًا على الأرض. لكن هذه الحكومة تنفذ الأمر الأمريكي الإسرائيلي بإنهاء المقاومة، ولو أدى ذلك إلى حرب أهلية وفتنة داخلية. الحكومة تقوم بخدمة المشروع الإسرائيلي، أكانت تدري أم لا تدري؟
_لن يبقى لبنان أو يستقر إذا اعتدى بعض شركاء الوطن على بعضهم الآخر.
_دعوة المسؤولين اللبنانيين أن يتركوا معالجة موضوع إملاءات برّاك على المقاومة، التي ستنتصر حتماً.
_الحكومة اتخذت قرارًا خطيرًا جدًا، خالفت فيه ميثاق العيش المشترك، وهي تعرض البلد لأزمة كبيرة.
_ التحذير من الزج بالجيش اللبناني في الفتنة الداخلية، لأن سجله ناصع، وقيادته وإدارته اليوم لا تريد أن تدخل في هذا المسار.
_الثنائي الوطني يعطيان الفرصة لمعالجة تداعيات قرار الحكومة، لكنهما جاهزان لكل السيناريوهات.
_لن تسلم المقاومة سلاحها والعدوان مستمر والاحتلال قائم، وستخوضها معركة كربلائية إذا لزم الأمر، في مواجهة هذا المشروع الإسرائيلي الأمريكي.
_تتحمل الحكومة اللبنانية كامل المسؤولية لأي فتنة يمكن أن تحصل، لا تريدها المقاومة، ولكن هناك من يعمل لها. وتتحمل الحكومة مسؤولية أي انفجار داخلي، وأي خراب للبنان. كما وتتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تخليها عن واجبها في الدفاع عن أرض لبنان وعن مواطنيها.
الكاتب: غرفة التحرير