الإثنين 19 أيار , 2025 09:40

الحظر الجوي مستمر: الكيان يشهد أكبر عزلة جوية منذ قيامه

يشهد كيان الاحتلال عزلة متزايدة في قطاع الطيران الدولي، في ظل تواصل إلغاء وتأجيل الرحلات من قبل شركات طيران كبرى على خلفية الحظر الجوي الذي فرضه اليمن على مطار بن غوريون، وهو المطار الأكبر في الكيان، ووتيرة العمليات المتصاعدة والتي وصلت إلى عمليتين خلال 24 ساعة. 
أعلنت شركة "يونايتد إيرلاينز" الأميركية، أحد أكبر مشغّلي الرحلات عبر الأطلسي، عن تأجيل استئناف خط رحلاتها بين نيوارك وتل أبيب حتى 12 حزيران/يونيو المقبل على الأقل، بعد أن كانت تخطط للعودة في 18 آذار/مايو الماضي. وجاء هذا القرار وفق بيان للشركة نُشر عبر موقع "PassportNews" العبري، مشيراً إلى أن "الاعتبارات الأمنية"، خاصةً بعد عملية الإطلاق الصاروخي من اليمن، كانت السبب الرئيس وراء التمديد الجديد لتعليق الرحلات.
وأوضحت الشركة أنها تتابع الوضع الأمني عن كثب، وأنها ستتخذ قرار العودة بناءاً على "معايير السلامة القصوى للمسافرين والطواقم".
من جهتها، قررت مجموعة "لوفتهانزا" الألمانية -والتي تضم شركات طيران من بينها السويسرية، النمساوية، بروكسل ويورو وينجز- تمديد تعليق جميع رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 25 أيار/مايو الجاري، وذلك خلافاً لتوقعات سابقة بعودة محدودة لبعض الرحلات خلال الأسبوع الحالي.
وأوضحت المجموعة أنها تتيح للمسافرين المتأثرين بالإلغاء خيار إعادة الحجز مجاناً أو إلغاء التذاكر دون رسوم، مشيرة إلى أن القرار يأتي في ضوء "استمرار التهديدات وتأرجح التقديرات الأمنية".
يعكس هذا التردد الأوروبي قلقاً عميقاً من التورط في بيئة تشغيلية معقّدة، إذ تواجه الشركات الأوروبية معضلة مزدوجة: ضغوط أمنية متزايدة لحماية طواقمها وركابها، يقابلها مطالب إسرائيلية بالتعويض المالي نتيجة الإلغاءات، في ظل اعتماد مطار بن غوريون على تلك الخطوط كجزء أساسي من حركة السفر الدولية.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تمثل سوقاً مربحة لشركات الطيران الأوروبية، نظراً للطلب المرتفع والأسعار المرتفعة مقارنة بالخطوط القصيرة داخل القارة. ومع ذلك، فإن هشاشة الوضع الأمني تجعل من العودة إلى تل أبيب قراراً محفوفاً بالمخاطر التجارية.
وبالتالي، يبرز تصاعد وتيرة العمليات العسكرية اليمنية، والتي أثبتت جدواها وقدرتها على تحقيق الأهداف التي وضعتها صنعاء، كعامل مقلق جديد في معادلة الأمن الجوي الإسرائيلي. فقد أعلنت صنعاء عن تنفيذ عدة عمليات استهدفت مطار بن غوريون ومناطق إسرائيلية أخرى خلال الأسابيع الماضية، باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ بعيدة المدى.
ورغم أن الجهات الرسمية الإسرائيلية لم تفصح عن تفاصيل جميع تلك الهجمات، إلا أن تقارير عسكرية أشارت إلى اعتراض أجسام جوية في الأجواء الجنوبية قادمة من البحر الأحمر، وهو ما دفع شركات الطيران إلى إعادة تقييم مساراتها الجوية ومخاطر التشغيل.
في المقابل، بدأت بعض الشركات، مثل Wizz Air، طيران أوروبا، الخطوط الفرنسية، Transavia، الخطوط الجوية الأذربيجانية، والخطوط الإثيوبية، في استئناف جزئي ومحدود لرحلاتها إلى مطار بن غوريون. 
إلا أن معظم هذه الخطوط لا تزال تعمل بجداول جزئية وتحت مراقبة أمنية مشددة، ما يدل على أن الثقة الكاملة بعودة الاستقرار الجوي لم تتحقق بعد.
التداعيات لا تقتصر على المجال الأمني، بل تمتد لتضرب القطاع السياحي في إسرائيل، الذي كان يعوّل على موسم الصيف لتحقيق انتعاش اقتصادي بعد شهور من التصعيد على غير جبهة. ومن المرجح أن يؤدي استمرار تقليص الرحلات إلى انخفاض حاد في أعداد السياح وارتفاع أسعار التذاكر.
حتى اللحظة، لا مؤشرات واضحة على استقرار قريب في قطاع الطيران المرتبط بإسرائيل. وبينما تستمر صنعاء بالتأكيد على أن الحل الوحيد لرفع الحظر هو بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة، يبدو أن الشركات الدولية تفضل التريث، خصوصاً في ظل غياب ضمانات أمنية قاطعة، والتصريحات الاسرائيلية التي تؤكد رغبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باستمرار الحرب. وبهذا يشهد كيان الاحتلال عزلة غير مسبوقة منذ قيامه.


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور