نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي أن "حركة حماس تواصلت مع ناشط مؤيد لترامب بهدف إجراء محادثات سرية"، ليتبين لاحقاً أن هذه المحادثات كانت تسعى إلى إطلاق سراح عيدان ألكسندر، آخر أسير "أمريكي - إسرائيلي" في قطاع غزة. وقد اتضح أن الوسيط في هذه المحادثات هو بشارة بحبح، الذي لعب دوراً في الاتفاق الأخير بين ترامب والحركة. ولم يكن ظهوره مفاجئاً، إذ سبق له الظهور، لاسيما خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
من هو بشارة بحبح؟
وُلد بشارة بحبح عام 1958 في القدس، وحمل لاحقاً الجنسية الأمريكية. تلقى تعليمه الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تخصّص في العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة بريغهام يونغ في ولاية يوتا. نال درجة الماجستير عام 1981 في دراسات "الشرق الأوسط" والعلاقات الدولية، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في قضايا الأمن الإقليمي عام 1983. انخرط في المجال الأكاديمي، فدرّس مقرر "الشرق الأوسط" في جامعة هارفارد، وهي محطة بارزة فتحت له قنوات تواصل مع دوائر القرار الأمريكي. كما شارك في الوفد الفلسطيني في "محادثات السلام" خلال عامي 1991 و1993.
تحوّلات مواقف
تميّزت مسيرة بشارة بحبح بمواقف سياسية متبدّلة، إذ بدأ بدعم الديمقراطيين من خلال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ثم انتقل لاحقاً لتأييد دونالد ترامب، قبل أن يبدي دعمه لجو بايدن، ثم يعود مجدداً إلى معسكر ترامب في انتخابات 2024. هذه القفزات السياسية تعكس استعداداً لتكيفه مع أي مرحلة بما يخدم دوره. في انتخابات 2024، لعب بحبح دوراً علنياً في حشد الناخبين العرب الأمريكيين لصالح ترامب، من خلال قيادة حملة تحت شعار: "العرب الأمريكيون من أجل ترامب"، مستثمراً معرفته بالبيئة العربية والأمريكية في آن. أما محطته الأحدث، فكانت وساطته في الاتفاق الأخير بين ترامب وحركة حماس حول إطلاق سراح الأسير "الأمريكي-الإسرائيلي" عيدان ألكسندر. فقد كشفت تقارير أن التواصل بينه وبين القيادي في حماس خليل الحية، مهّد لقناة اتصال بين الطرفين.
كيف تم اختياره؟
اختيار بشارة بحبح ليؤدي دور الوسيط بين حركة حماس والدائرة المقربة من ترامب لم يكن صدفة ولا نتيجة قرار رسمي واضح، بل جاء نتيجة مسار متدرج -متقلب-. فقد بدأ بحبح مؤيداً قوياً لترامب، وقاد حملة "العرب الأمريكيون من أجل ترامب"، لكنه سرعان ما انشق عنه بعد تصريحات ترامب التي دعا فيها إلى "تطهير قطاع غزة من الفلسطينيين"، وهو ما دفعه إلى تغيير اسم منظمته إلى "عرب أمريكيون من أجل السلام"، في محاولة لإعادة تموضعه سياسياً. هذا الانشقاق لم يمنعه من أن يصبح لاحقاً قناة اتصال خلفية، خصوصاً بعد أن بدأت اتصالاته بالقيادة في حركة حماس، لا سيما مع غازي حمد، لبحث إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة. لعب بحبح هنا دور الوسيط غير الرسمي، ناقلاً المقترحات إلى المبعوث الأمريكي ويتكوف، ما يشير إلى أن اختياره تم بسبب امتلاكه شبكة علاقات مزدوجة.
بالاستناد إلى هذه المسيرة المتقلبة، يبرز بشارة بحبح كنموذج لوسيط مناور. وخطورة هذا النوع لا تكمن في موقعهم العلني بل فيما يمثلونه من أدوات طيّعة تُستدعى عند الحاجة لتأدية أدوار حساسة.
الكاتب: غرفة التحرير